مراحل تطور الصحة في الأبدان تنقسم إلى ثلاث حالات:
- الصحة.
- والمرض.
- وحالة وسط بينهما.
فالصحة الجيدة هي الحالة الأولى:
وهي هيئة بدنية تكون الأفعال معها سليمة وهي أفضل ما أنعم الله تعالى به على الإنسان “تمام العافية” ! إذ لا يمكننا حسن التصرف والقيام بطاعة الله عز وجل وخدمة أو مساعدة أنفسنا وعباد الله والسعي وراء مصالحنا إلا بوجودها . كما أنه ورد عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ” وقال كذلك “إن لله عباداً يضن بهم عن القتل والسقم فيحييهم في عافية ويتوفاهم في عافية ويعطيهم منازل الشهداء”.
أما الحفاظ على الصحة فيعتمد على أخذ الغذاء الصحي وقت حاجة الجسم له ويعتمد على إستغلال الجسم للطاقات المنبعثة من هذا الغذاء. هذا بالإضافة إلى عدم خلط الأغذية للوجبة الواحدة والتي يمكن أن تؤذي بدلا من أن تنفع. وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين بعض الأطعمة لتعارض صفة هضمها في حال أخذت فى وجبة واحدة . على سبيل المثال: السمك واللبن أو بين الخل واللبن أو بين الفاكهة واللبن. كما أنه يجب المحافظة على نظافة الطعام من التلوث حيث قال رسول الله عليه الصلاة والسلام “غطوا الإناء وأوكئوا السقاء فإن بالسنة ليلة ينزل فيها وباء من السماء لا يصادف إناء مكشوفا إلا وقع فيه وباء من ذلك”. كما أنه عليه الصلاة والسلام أمر بغسل اليدين قبل وبعد الأكل لما فيها من آداب للطعام وسلامة للبدن من الأمراض والآفات المختلفة.
أما الحالة الثانية :
فهي الحالة المرضية وهي عكس ما سبق والتي تنتج عن ترسب المواد السمية في الجسم من الغذاء وغيره. وقد يؤدي زيادة الترسيب بالجسم إلى الوهن والآلام في أماكن وأعضاء مختلفة مما يجعلها أحيانا معقدة ولانستطيع تحديد مركزها. هذا بالإضافة إلى عدم الإستقرار النفسي والروحي الذي ينتج عن هذا المرض أو الأمراض منفردة أو مجتمعة. لذلك لايستطيع الجسم في هذه الحالة أن ينقاد إلى السكينة والهدوء لأداء الواجبات وما تقتضيه الحياة اليومية من مناسك روحية وعلاقات إجتماعية. لذلك كان عليه الصلاة والسلام يحرص على أن يستشير كل الأطباء الذين كانوا يعودونه أثناء مرضه أو يعودون أحدا من الصحابة والأعراب ويتعرف على أدويتهم. وكان يجرب الأدوية والعلاج على نفسه فإذا أصابت أوصى بإتباعها وإذا خابت أوصاهم بإجتنابها حسب قول أمنا عائشة عليها الصلاة السلام. وهذا أخف مجهودا عليهم وعلينا غير أنه أقصر طريقا للعلاج إيمانا بنبوته من رب حكيم وتصديقا لإخلاصه كما علمنا عليه الصلاة والسلام.
فعلى سبيل المثال, كثيرا ما كان عليه الصلاة والسلام يستخدم زيت الزيتون كطعام أو علاج وقد نصحنا بقوله عليه الصلاة والسلام: “تداووا من الجنب بالقسط البحري والزيت”. وقال: “كلوا الزيت وادهنوا به فإنه طيب مبارك”. ونحن اليوم كثيرا ما نرى المريض يلجأ أحيانا إلى الإستخدام العشوائي للدواء وحتى الطبيعي منها حسب ما يراه الحل السريع للشفاء وظنا منه في تخفيف الألم أو للتخلص من حالة غريبة طرأت على الجسم, دون إعطاء البدن أي فرصة للدفاع عن نفسه أو إستخدام ما يكنزه من طاقات وأكل! وهذا مما يزيده سوءا وإنهاكا وضعفا.
لقد أكد الأطباء وعلماء الدواء أن أي دواء إذا لم يؤخذ بإذن الطبيب المعالج بمقدار معين في ميعاد معين فلن ينفع ! كما هو المراد منه, بل له ضرراً على المريض ويمكن أيضاً أن يؤثر تأثيراً عكسياً على عضو آخر في الجسم حتى وإن كان هذا الدواء من الطبيعة أو الأعشاب. وهناك مثل شعبي في معظم دول العالم يقول: كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده. ومن قديم الزمن ومن قبل أن يتقدم علم الصيدلة كان العلاج بالنباتات والأعشاب والأحجار الكريمة عند أجدادنا وآبائنا شيئ مهم ويحتل الصدارة في الإستشارات الطبية والحميات الصحية, كما أن لها أناس متخصصون بها. وكثيراً ما نجد البعض يشكو نوعاً من التعب يحس به في جزء من جسده أو كله وبالرغم من ذهابه إلى كبار الأطباء إلا أن إيمانهم الفطري كان أقوى بأن خالق المرض أوجد الدواء الطبيعي الذي يتلاءم مع طبيعة أجسامهم فيلجأ أحدهم إلى العلاج بالغذاء والأعشاب بدءا بالحمية الغذائية.
أما الحالة الثالثة:
وهي الحالة الوسط ما بين الصحة والمرض، فهي تتمثل في مرحلة دفاع الجسم عن نفسه وإستغلال الطاقات الكامنة لديه في مكافحة الآلام واستغلال العافية في رد ودفع معظم الأمراض والتي لم تهمل الى أن تتفاقم. وكثير منا يحسن السماع إلى لغة جسمه عندما يناشده الإرهاق أو التعب من أكل أو مجهود عملي أو نفسي! عندها يلجأ بالفطرة إلى الحمية الغذائية حتى لو اضطر الى إستهلاك ما يخزنه الجسم من مواد يحتاجها للدفاع ضد المسبب لهذا الإضطراب , والعمل على تفعيل الطاقات الللازمة من حرارة وماء داخل الجسم بأقصى فعالية حتى يتم السيطرة على الموقف. كأن نأكل وجبة عشاء ثقيلة في وقت متأخر من الليل ذلك مما يؤدي إلى سوء أو عسر في الهضم وأحيانا إنتفاخ في القولون مصحوبا بالمغص والغازات.
إن الحل الأمثل هناهو أن نترك فرصة للجسم أن يستريح خلال عملية الهضم أو مساعدته بأخذ كوب أو كوبين من مغلي الزنجبيل أو النعناع البري واللذان يساعدان على تسريع عملية هضم الطعام بالإضافة الى ليونة الأمعاء وتخفيف تقلصاتها. ثم تكون وجبة الإفطار من الأغذية الخفيفة، حتى لا يحدث تراكم للأغذية مع شرب المزيد من الماء النقي والذي يساعد على سرعة وتنظيم عملية الهضم وطرح الزائد من المواد الغير لازمة للجسم بطريقة مريحة.