بسم الله الرحمن الرحيم
يقول ربنا تبارك وتعالى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: “وهزي إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا* فكلي واشربي وقري عينا…”
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: “أكرموا عمتكم النخلة! فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام”
سبحان الله العظيم وبحمده. إن هذه الآية الكريمة أوقفتنا على أبحاث طبية صريحة جديدة لم يتكلم عنها العلم قبل نزول القرآن وإلى الآن لم ننتهي بعد من دراسة هذه الأسرار الربانية ل “عمتنا النخلة” وأولادها ! البلح والرطب والتمر.
إن الفرق والميزات الغذائية بين البلح ثم الرطب ثم التمر يجعل لكل نوع منهم أهميته العلاجية الخاصة. ومن مختلف العلاجات لهذه الفاكهة, ونسلط النظر على هذه الآيات وأهميتها للأم المرضعة وجنينها. فنرى أن الأنواع الثلاثة من هذه الفاكهة الغنية المباركة تحتوي هلى شبيهة الهرمونات اللازمة لإنقباض الرحم وتجفيف الدم وإدرار الحليب وإزالة الألام و يثبّت الفؤاد، ويُجلي الهم والحزن عن القلب الحزين والمفؤود، ويزيل الاكتئاب، ويشرح الصدر ويفرح القلوب.لقد اكتشف العلماء مادة في التمر تشبه هرمون الأوكسيتوسين، وهو الهرمون الذي يفرز عادة من غدة ما تحت المهاد ويخزن في الفص الخلفي للغدة النخامية، وهو عبارة عن هرمون يتألف من تسعة أحماض أمينية ذو خاصية فريدة عند الجنسين. ولقد وجد أنه عند المرأة وأثناء الحمل تقوم الهرمونات التي تفرزها المشيمة (الأستروجينات)، تقوم بزيادة قدرة ما تحت المهاد على صنع هرمون الأوكسيتوسين، كما تقوم بمضاعفة حجم الغدة النخامية، وزيادة قدرتها على تخزين هرمون الأوكسيتوسين، كما أنها تزيد من المستقبلات التي تستقبل هرمون الأوكسيتوسين والموجودة في عضلة الرحم وفي الخلايا العضلية الظهارية المحيطة بقنوات الحليب في الثدي. وما إن يبدأ المخاض حتى يفرز الأوكسيتوسين من مخازنه في الغدة النخامية بكميات عالية، ويتحد مع مستقبلاته الموجودة في الرحم وفي الخلايا العضلية الظهارية المحيطة بقنوات الحليب في الثدي. وتبدأ التقلصات في عضلة الرحم بشكل متناغم، والتي تؤدي إلى توسع عنق الرحم ومن ثم حدوث عملية الولادة، وبعد زوال المشيمة من الرحم نتيجة الولادة، فإنها تترك سطحًا مليئًا بالدم في جدار الرحم، لأنه يحتوي على أوعية دموية دقيقة صغيرة تبقى مفتوحة ونازفة. هذه الأوعية الدموية تكون بين الألياف العضلية الملساء والتي تكون متشابكة كالشبكة في الرحم، وما إن يتابع هرمون الأوكسيتوسين تأثيره بعد الولادة، حتى يزداد تدريجيا انقباض أليافه العضلية والمتشابكة مع بعضها مما يؤدي إلى إيقاف النزف تدريجيٌّا.
ولا يتوقف تأثير هرمون الأوكسيتوسين على ذلك، فالرحم الذي تمدد خلال تسعة شهور من الحمل ليستوعبء اثني عشر كيلو جرامًا من وزن الجنين والمشيمة والسوائل الملحقة بهما، يجب أن يعود إلى حجمه الطبيعي، وذلك بانقباض ألياف الرحم التدريجي المتتالي تحت تأثير هرمون الأوكسيتوسين فقط. هذا بالإضافة إلى تقلصات الألياف العضلية المحيطة بقنوات الحليب في الثدي، والذي يعمل على إدرار الحليب عند تقلص هذه القنوات وما تحتويه من حليب، ومن ثَم إكمال عملية الرضاعة عند الطفل.
وقد ثبت في كثير من الأبحاث العلمية بأن هذا الهرمون له وظائف عظيمة، وتأثيره على الأستروجين. والذي بدوره يؤثر على العظام، والثدي، والجلد، وعلى قناة الرحم فالوب، وعلى الهرمون المنشط FSH، وله دور على الهرمون الصانع للجسم الأصفر (LH) في المبيض، وإن نقصه يؤدي إلى هشاشة العظام، كما أن الأستروجين له تأثير على توازن الأيونات والأملاح في الجسم، وعلى دورة بطانة الرحم (الدورة الطمثية)، وعلى توزيع الدهون في الجسم، ومن ثَم تحديد شكل الجسم الخارجي، وعلى توزيع الإشعار، وعلى إفراز هرمون الأنسولين. وهذا ما أكسب الرطب خاصية وأهمية عظيمة وتفسر لماذا جعل الله تعالى غذاء السيدة مريم العذراء.
أما الرطب كغذاء كما ورد في الآية “رطبا جنيا”. وذلك لسهولة هضمه وطراوة أليافه بالإضافة لغناه بالماء والسكريات والفيتامينات سهلة التحلل والمواد الغذائية اللازمة للأم وطفلها. وحتى تكتمل هذه الفترة الحرجة لهذا الطفل وتغذيته جاء الأمر الثاني وهو “كلي واشربي” لتذوب السكريات وتحس بالشبع ويتم انتشار المواد الغذئية كاملة في الدم والحليب.
لقد ذكر ابن القيم في كتاب زاد المعاد إن الرطب من أعظم الفواكه وأنفعها وهو مقو للكبد ملين للطبع وهو فاكهة وغذاء ودواء وشراب وحلوى. ويعد التمر غذاءً مثالياً كافياً للإنسان لاحتوائه على المواد الغذائية الرئيسية مثل السكريات والأحماض، والمعادن والدهون والبروتينات وغيرها. كما أنه يحتوي على مضادات السرطان والمنشطات الجنسية وخاصة للذين يعانون العقم. وكما قلنا أن له خاصية تنظيم الطلق عند النساء بالإضافة الى انه يمنع النزيف أثناء وعقب الولادة ومخفض لضغط الدم عندما تتناوله الحوامل. كما أنه يحتوي فيتامين (أ) وهو موجود بنسبة عاليةوهذا يساعد على زيادة وزن الأطفال ولذلك يطلق عليه الأطباء اسم عامل النمو كما يحفظ رطوبة العين وبريقها وبذلك يضاد الغشاوة الليلية. ويحتوي على فيتامين ب المركب والتي لها مفهول تقوية الأعصاب وتليين الأوعية الدموية وترطيب الأمعاء وحفظها من الالتهابات والضعف وآفات الكبد وتشقق الشفاة وفي تكسر الأظافر وتشقق الجلد. والتمر غني بالمعادن حيث توصل علماء التغذية الى أن التمر غني بالفسفور والبوتاسيوموال كالسيوم. بالإضافة على المغنيسيوم والبورون الذي يعتبر مهما لنمو بعض الكائنات الحية ويلعب دوراً كبيراً في الفيتامينات التي تكون ذات أهمية لعلاج الروماتيزم وهناك تأثير للبورون على الهرمونات الجنسية. كما أن الرطب والتمر أغنياء بعدد من أنواع السكاكر كالجلوكوز (سكر العنب) والليكوز (سكر الفاكهة) والسكروز (سكر القصب) ونسبتها تبلغ حوالي 70% ولذا فالتمر وقود من الدرجة الأولى، والسكاكر هذه تعتبر سريعة الإمتصاص سهلة التمثيل، إذ لا يحتاج امتصاصها إلى عمليات هضمية وعمليات كيماوية حيوية معقدة وتستطيع المعدة هضم التمر وامتصاص السكاكر الموجودة فيه خلال ساعة أو بضع ساعة وفائدة السكاكر الموجودة في التمر لا تنحصر في منح الحرارة القدرة والنشاط بل انها مدرة للبول تغسل الكلى وتنظف الكبد.
وهذا العطاء النبوي والمجهود الواقع على أم النبي القادم لابد له من نفسية طيبة مستريحة وفؤاد وحب وحنان متميز. فجاءت “وقري عينا”! وذلك حتى لا يتأثر هرمون الحليب المسؤول عن الإدرار وكميته اللازمة لتغذية هذا النبي. إن الحزن والخوف يؤثران على نسبة إفراز هرمون الحليب ويؤثر على كمية ونوعية إنتاج الحليب من بعد الولادة فكان لابد من الرحمن الرحيم لضمان سلامة هذا الطفل النبي أن يطمئن أمه وتسعد ولتسيريح نفسيا. وقد وجد أن احتواء الرطب على عنصر المغنيسيوم والمنجنيز وهو عنصر الحب فيطيب الفؤاد ويهدئ الأعصاب ويبعث الحنان والدفء للقلبين.
أما التفاصيل الأخرى في خصائص ومميزات التمر والعلاج به هي مذكورة في بحث آخر تحت “العلاج من صيدلية النبي محمد عليه الصلاة و السلام” على الصفحة!