من قديم الطب البديل
إن معجزات القرآن المبارك ما تزال تتوالى إلى يومنا هذا. والعلم يطلعنا من نفحاته بين الحين والآخر على كثير مما هو جديد في علوم الطب الطبيعي وعلاقته بالإنسان. وقد آمن أجدادنا وآباؤنا بهذه الحقائق العلمية إيماناً مطلقاً كما جاءنا في الأثر. فمثلا وردنا عن إيمان عوف بن مالك بالقرآن الكريم وبكل ما جاء فيه حينما مرض ذات يوم فقيل له: ألا نعالجك؟ فقال:
ائتوني بماء فإن الله تعالى يقول: “ونزلنا من السماء ماء مباركا” سورة ق9 , ثم قال ائتوني بالعسل فإن الله تعالى يقول: “فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية للناس” سورة النحل69 , ثم قال: ائتوني بزيت فإن الله تعالى يقول: “شجرة زيتونة لاشرقية ولاغربية يكاد زيتها” سورة النور35 . فجاءوه بكل ذلك فخلطه وشربه فبريء بإذن الله تعالى. كما أن الحبيب عليه الصلاة والسلام كثيرا ما كان يتخذ زيت الزيتون دواءا أكلا ودهانا كما قال: “كلوا منه وادهنوا به”. وقد ورد أيضا في الأ ثر أنه زيت مبارك معالج في جميع الأديان والطقوس منذ أن أوجد الله تعالى هذه الخليقة.
لذلك يعتبر أن ما جاء به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام هو أساس الطب البديل منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة لما جاء به من آداب و أساسيات معيشية وقائية وعلاجية تضمن لنا بإذن الله حياة طيبة ومتعة التمام بالعافية والصحة. علما بأن تراث الحبيب رسول الله عليه الصلاة والسلام ينقسم إلى موضوعات صحية شتى. ولابد هنا أن نتطرق إلى مراحل تطور الصحة في الأبدان وهي تنقسم إلى ثلاث حالات:
1- الصحة.
2- المرض.
3- حالة وسط بينهما.
فالصحة الجيدة هي الحالة الأولى
وهي هيئة بدنية تكون الأفعال معها سليمة وهي أفضل ما أنعم الله تعالى به على الإنسان “تمام العافية” إذ لا يمكننا حسن التصرف والقيام بطاعة الله عز وجل وخدمة أنفسنا وعباد الله والسعي وراء مصالحنا إلا بوجودها كما ورد عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ” وقال كذلك “إن لله عباداً يضن بهم عن القتل والسقم فيحييهم في عافية ويتوفاهم في عافية ويعطيهم منازل الشهداء”.
أما الحفاظ على الصحة فيعتمد على أخذ الغذاء الصحي وقت حاجة الجسم له ويعتمد على إستغلال الجسم للطاقات المنبعثة من هذا الغذاء بالإضافة إلى طاقة الماء. هذا بالإضافة إلى عدم خلط الأغذية
للوجبة الواحدة والتي يمكن أن تؤذي بدلا من أن تنفع. وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين بعض الأطعمة لتعارض صفة هضمها في حال أخذت فى وجبة واحدة. فمثلا أكل السمك واللبن أو الخل واللبن أو بين الفاكهة واللبن قد يولد أنواعا مختلفة من أمراض الحساسية في الجلد أو الصدر.
كما أنه يجب المحافظة على نظافة الطعام من التلوث حيث قال رسول الله عليه الصلاة والسلام “غطوا الإناء وأوكئوا السقاء فإن بالسنة ليلة ينزل فيها وباء من السماء لا يصادف إناء مكشوفا إلا وقع فيه وباء من ذلك”. كما أنه عليه الصلاة والسلام أمر بغسل اليدين قبل وبعد الأكل لما فيها من آداب للطعام وسلامة للبدن من الأمراض والآفات المختلفة.
أما الحالة الثانية
فهي الحالة المرضية وهي عكس ما سبق والتي تنتج عن ترسب المواد السمية في الجسم من الماء والغذاء وغيره. وقد يؤدي زيادة الترسيب بالجسم إلى الوهن والألام في أماكن وأعضاء مختلفة مما يجعلها أحيانا معقدة ولا نستطيع تحديد مركزها. هذا بالإضافة إلى عدم الإستقرار النفسي والروحي الذي ينتج عن هذا المرض أو الأمراض منفردة أو مجتمعة. لذلك لا يستطيع الجسم في هذه الحالة أن ينقاد إلى السكينة والهدوء لأداء الواجبات وما تقتضيه الحياة اليومية من مناسك روحية وعلاقات إجتماعية. لذلك كان عليه الصلاة والسلام يحرص على أن يستشير كل الأطباء الذين كانوا يعودونه أثناء مرضه أو يعودون أحدا من الصحابة والأعراب ويتعرف على أدويتهم. فإذا أصابت أوصى بإتباعها وإذا خابت أوصاهم بإجتنابها حسب قول أمنا عائشة عليها الصلاة السلام. وهذا أخف مجهودا عليهم وعلينا غير أنه أقصر طريقا للعلاج إيمانا بنبوته من رب حكيم وتصديقا لإخلاصه كما علمنا عليه الصلاة والسلام.
فعلى سبيل المثال كثيرا ما كان عليه الصلاة والسلام يستخدم زيت الزيتون كطعام أو علاج وقد نصحنا بقوله عليه الصلاة والسلام بإستخدامه فردا أو خليطا مع دواء آخر. على سبيل المثال : “تداووا من الجنب بالقسط البحري والزيت”. وقال: “كلوا الزيت وادهنوا به فإنه طيب مبارك”. ونحن اليوم كثيرا ما نرى المريض يلجأ أحيانا إلى الإستخدام العشوائي للدواء وحتى الطبيعي منه حسب ما يراه الحل السريع للشفاء وظنا منه في تخفيف الألم أو للتخلص من حالة غريبة طرأت على الجسم دون إعطاء البدن أي فرصة للدفاع عن نفسه أو إستخدام ما يكنزه من طاقات وأكل! وهذا مما يزيده سوءا وإنهاكا وضعفا.
لقدأكد الأطباء وعلماء الدواء أن أي دواء إذا لم يؤخذ بإذن الطبيب المعالج بمقدار معين في ميعاد معين فلن ينفع كما هو المراد منه بل و كان له ضرراً على المريض. كما أنه يمكن أيضاً أن يؤثر تأثيراً عكسياً على عضو آخر في الجسم حتى وإن كان هذا الدواء من الطبيعة أو الأعشاب. وهناك مثل شعبي في معظم دول العالم يقول: كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده. ومن قديم الزمن ومن قبل أن يتقدم علم الصيدلة كان العلاج بالنباتات والأعشاب والأحجار الكريمة عند أجدادنا وآبائنا وكان يحتل الصدارة في الإستشارات الطبية والحميات الصحية. كما أن لها أناس متخصصون بها. وكثيراً ما نجد البعض يشكو نوعاً من التعب يحس به في جزء من جسده أو كله وبالرغم من ذهابه إلى كبار الأطباء إلا أن إيمانهم الفطري كان أقوى بأن خالق المرض أوجد الدواء الطبيعي الذي يتلاءم مع طبيعة أجسامهم فليلجأ أحدهم إلى الحمية الغذائية والعودة إلى منتجات الأرض وبركتها.
أما الحالة الثالثة
وهي الحالة الوسط ما بين الصحة والمرض, فهي تتمثل في مرحلة دفاع الجسم عن نفسه وإستغلال الطاقات الكامنة لديه في مكافحة الألام وإستغلال العافية في رد ودفع معظم الأمراض والتي لم تهمل. وكثير منا يحسن الإستماع إلى لغة جسمه عندما يناشده الإرهاق أو التعب من أكل أو مجهود عملي أو نفسي! عندها بلجأ بالفطرة إلى الحمية الغذائية حتى لو اضطر إلى إستهلاك ما يخزنه الجسم من مواد يحتاجها للدفاع ضد المسبب لهذا الإضطراب. ثم العمل على تفعيل الطاقات الللازمة من حرارة وماء داخل الجسم بأقصى فعالية حتى يتم السيطرة على الموقف. كأن نأكل وجبة عشاء ثقيلة في وقت متأخر من الليل. ذلك مما يؤدي إلى سوء أو عسر في الهضم وأحيانا إنتفاخ في القولون مصحوبا بالمغص والغازات.
إن الحل الأمثل هناهو أن نترك فرصة للجسم أن يستريح خلال عملية الهضم أو مساعدته بأخذ كوب من الماء أو كوب من مغلي الزنجبيل أو النعناع البري واللذان يساعدان على تسريع عملية هضم الطعام بالإضافة الى ليونة الأمعاء وتخفيف تقلصاتها. ثم تكون وجبة الإفطار من الأغذية الخفيفة حتى لا يحدث تراكم للأغذية. كما أن شرب الماء النقي على الريق يساعد على سرعة وتنظيم عملية الهضم وطرح الزائد من المواد الغير لازمة للجسم بطريقة مريحة. وإن أضيف إليها ملعقة كبيرة من العسل فإن ذلك سينشط الدماغ والبدن عامة. كما أنه سينذر الصمامات والعاملات الداخلية لتبدأ بإحلال الطعام المخزون والإستفادة منه إلى أن يتم بذل المجهود الكافي لإستغلال الطاقات الجديدة من الوجبة الجديدة.
لذلك فإن العادات والمواعيد الخاطئة في أخذ الوجبات الرئيسية أو المشروبات أو في ممارسة الرياضة كل ذلك يؤدي إلى ترسبات سمية في الجسم وفي أماكن مختلفة تتفاوت حسب نوعيتها وكميتها, مما يعرقل سير الآليات اللا إرادية في الجسم. وهدفنا هنا هو تصحيح هذه الأخطاء والحصول على جسم صحي صحيح وذلك بالعود إلى الطبيعة وبنظام نبوي إلهي ولاشك فيه من السلامة والعافية.