منذ آلاف السنين عرف الطب الإنساني أن لكل أعضاء الجسم الداخلية والخارجية نهايات عصبية في أسفل القدمين والكفين.
فقد اعتنى الطب الصيني والهندي قبل آلاف السنين بتدليك أسفل قدمي المريض عند الشكوى، لبدء التشخيص والعلاج لأي مرض من المختص بذلك، كما أنه عرف عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل أكثر من ألف وأربعمئة سنة، حرصه على تدليك الأطراف أثناء الوضوء، وتمرير الماء بين أصابع اليدين والقدمين مع التدليك، وكان عليه الصلاة والسلام يحث على السعي للعمل مشيا أكثر منه ركوبا، والاعتماد على النفس في خدمة الآخرين والمشي لقضاء حوائجهم، لما في ذلك من تجديد للألفة والمحبة، وتفعيل للقوى المخزونة وصرف للطاقات السلبية من الجسم، ومن ثم تحفيز الأعضاء الداخلية لطرح ما يؤذيها بسهولة.
لذلك يعتبر المشي عند أطباء التغذية والصحة من الرياضات الأكثر أهمية لجميع الأعمار (إلا لسبب وجيه)، لما فيه من تدليك لنهايات الأعصاب الخاصة بالنظر والسمع والغدد جميعها، كما أن المشي يُنشط الأعصاب الواصلة بين الجهاز الهضمي وباطن القدم، فيعمل على معالجة أمراض القولون العصبي، وعسر الهضم والإمساك، ومن ثم البواسير، وإن كان من دون حذاء أو على الرمال فذلك أفضل، وبضع خطوات تعطي نتائج سريعة بالممارسة، لما فيها من تدليك ومساج طبيعي لعضلات القدم، وتحفيز النهايات العصبية للأعضاء الواصلة لها، مما يسهل ويحسن عملية الهضم وتفتيت الأغذية ونقلها مع الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم.
إن المشي والمحافظة على سلامة القدمين من التعب والالتهابات، بسبب زيادة الأملاح مثلا أو الماء في الأنسجة، عند مرضى السكري والضغط المرتفع، يعالج الكثير من أمراض المفاصل كالنقرس أو الروماتويد، ويحدث طرحا تلقائيا للأملاح المذابة، خصوصا عند الإكثار من شرب الماء، لما يسببه من تنشيط للغدد، وتحفيز الإنزيمات الحارقة للطعام، وتنشيط الجهاز الهضمي إجمالا بما فيه الكبد، لتحويل الغذاء إلى طاقات فعالة ومنصرفة، محدثا نشاطا واضحا على الوجه ورشاقة في الجسم، وننصح بشرب جرعات من الماء أثناء الحركة، حتى لا تصاب العضلات بشد أو إنهاك أو تشنج، وتحقيق ذوبان الأملاح الزائدة المترسبة.
وعلى الرغم من الخمول الطفيف الذي يطرأ مع زيادة العمر على عمليات الأيض وتفتيت الطعام، وعمليات استهلاك الغذاء داخل الجسم، ولكن باستقطاع 20 دقيقة يوميا للمشي، وفق الظروف الصحية للجسم، فإن ذلك سيعمل على تحسين الدورة الدموية، وزيادة الأكسجين والغذاء الواصل من الدماغ وإليه إلى وبقية الأعضاء والعضلات، ومن ثم متنفس نقي وتجديد للخلايا الحيوية، فتؤخر علامات الشيخوخة داخل الجسم وخارجه، فنعيش عمرا صحيا مديدا، وذاكرة رائدة بحياة أفضل، ونشاطا لعطاء متجدد لا يعرف المرض!