من سنّة الله في خلقه أن جعل في الليل ظلمة وهدوءا وراحة من كل الأعمال والأعباء “وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا”، وقد عرف علميا أن هرمون الميلاتونين يفرز من الغدد الدماغية مع بداية الظلام لتنظيم دورة النوم وإحلال الهدوء والسكينة، ويقل إفرازه تماما مع النهار بارتفاع هرمون الكورتيزول المسؤول عن النشاط وحرق السعرات الحرارية. ويعتبر الميلاتونين “سفير السلام” للجسم لما يقوم به من تنظيم دورة الليل والنهار وتنظيم الساعة البيولوجية له، والحفاظ على راحة العضلات والأعصاب من منبهات الإضاءة وأعباء الحياة الكثيرة، فيعمل على تجـديد القوى، وشحذ الطاقات الإيجابية، لضمان الهدوء والسـكينة وإعادة الحيوية والنشـاط بالتبادل مع مشاكسة “الكورتيزول”!
ويعتبر النوم من الرياضات المهمة ذات التأثير الواضح على ضبط الوزن الطبيعي والصحي، وإن حدوث أي اضطراب فيه سيؤثر سلبا في سلسلة نظامية من الهرمونات في الجسم؛ لذلك لابـد للشخص أن يأخذ حظه من الراحة والنوم عند الإحساس والحاجة للنوم، وتكون أفضلها ليلا، وبمثابة جـرعة ناجعة تعـيد شـحن الجسـم وطاقاته الداخـلية وتحرير الغذاء بعد هضم الطعام جيدا وحرق السعرات الحرارية. وذلك لارتفاع الحـرارة الغريزية وقت النـوم، فتغور إلى باطن الجسـم، وتعـين على تحـليل الأكل وتحسين هضمه، والاستفادة من المواد الغذائية اللازمة للدماغ والقلب والكبد والرئتين وغيرهم من الأعضاء التي لا تعرف الراحة والتوقف حتى أثناء النوم. لذلك فإن اضطراب النوم يؤدي إلى خمول في العضلات المعوية اللاإرادية، ويرفع هرمون الكورتيزول فيفتح الشهية على الأغذية الدهنية والنشوية فيؤدي إلى زيادة الوزن، كما أن الدراسـات التي مازالت قيـد البحث أثـبتت أن النوم في سـاعات النهار، هي غالبا من أهـم أسـباب آلام المفاصل والروماتيزم، لأنها ساعات النشاط التي يتم أثناءها انتشار المواد الغذائية اللازمة للصحة البدنية والطاقات الحيوية؛ اسـتعدادا للعطاء والعمل والرياضة بنوعيها النفسـية والجسـمية.
كما أن النوم في أول النهار أو بعد الأكل مباشرة يثـبط الجسـم ويثقله بسبب ترسيب المحـللات الناتجة عـن الطعام وعدم اسـتهلاكها، مؤديا إلى سوء الهضم وتخزين الدهون والسمنة، كما يتسبب في ارتخاء العضلات وتثاقلها، نظرا لترسـب الأملاح والمعادن في الأنسجة والمفاصل، بدلاً من أن تأخذ طريقها مع الحركة والتريض إلى العظام والدم والأماكن المراد بناؤها وتقويتها بالشكل الصحيح!
لذلك ننصح بالنوم أول الليل بعد وجبة العشاء بثلاث ساعات، ونوم القيلولة يكون بعد الزوال أو بعد الغداء بساعة، فيسـتقر الطعام في المعـدة، ويسهل حرق السعرات الحرارية وتحرير الطاقة اللازمة للجسم وحيويته.